مقال

«داعش».. وبذور جرائم الظلام

لقد منّ الله تعالى على مجتمعنا بالشريعة الإسلامية الغراء، حتى أصبحنا نملك رصيداً هائلاً من الموروث الأخلاقي والقيم الأصيلة، التي تدفع بنا إلى الفكر الصحيح والنداء القويم.. فما لهؤلاء الداعشيين يحاولون إشعال الفتنة، ونشر نظام الجريمة، ويستوطنون في تفاصيل حياتنا الهادئة.. مَن هم؟ ولماذا جاءوا؟!!
أذكر هنا وعلى وجه الخصوص، وبعد الدعاء لله تعالى بالرحمة لضحايانا، حادثة تفجير مسجد قوات الطوارئ الخاصة بوزارة الداخلية، حيث كان عدد الذين نحسبهم عند الله شهداء 15 شخصاً أغلبهم من قوات الطوارئ، قتلوا في تفجير استهدفهم أثناء صلاة الظهر وفي جموع المصلين، وكان ذلك في منطقة عسير جنوب المملكة بعاصمتها الجميلة أبها، وحسب إفادة وزارة الداخلية عبر وسائل الإعلام المختلفة بأن التفجير تم بأحزمة ناسفة. إن هذا العمل الإرهابي ينم عن فكر فاسد هدفه زعزعة أمن بلادنا الحبيبة، ونشر الرعب في نفوس المواطنين!
عجباً.. ما هذا الهراء؟! ما هذا الدمار؟!
أي قلبٍ يمتلكون، وبأي عقل يفكرون، إنهم الضالّون الجهلة الذين لا دين لهم ولا هوية.. مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية، يا لهم من مجرمين فسدة طُغاة وخونة، ألا حسبنا الله عليهم وعلى طوائفهم الضالة المنحرفة، فسدوا وأضلوا.. جهلوا وأجرموا.. قتلوا وفجروا وأرهبوا مَن؟ المسلمين، وأين؟ في بيوت الله، ومتى؟ في وقت مناجاة الله بالصلاة، وعزة الله إنهم زنادقة ملحدون، فلو كانوا يؤمنون بالله تعالى لآمنوا بآياته في كتابه الكريم، أين هم من الآية الكريمة العظيمة: «ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً»، فما عذرهم حين يسألون: لماذا قتلتم نفوساً بغير وجه حق؟.. حينئذ أين مصائرهم ستكون وهم كما يدعون أصحاب حق؟ أم إنهم سيحتذون مثل ما فعل أحدهم، حين أصيب في معركة وقاتل في سبيل الله ولم يحتمل ألم الإصابة فقتل نفسه.. فقال عنه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «هو في النار».
داعش هي المفردة الأكثر تعبيراً عن الوحشية البشرية، والداعشي الفكر هو إنسان خلقه الله ولكنه تخلق بأخلاق الشياطين، هؤلاء البشر الذين ينتمون لهذه المفردة المقززة لديهم مرجعيتان، إحداهما سياسية استخباراتية تعمل لتحقيق مصالح دولية، والأخرى عقائدية تشرعن الفعل الفج ليعجب الجهال فيتصورونه إحدى أدوات الوصول لجنة رب العالمين الذي عرَّف لنا الصراط المستقيم وأمرنا بأن نتبعه ولا نتبع السبل التي سوف تفرقنا عن سبيله وختمها سبحانه وتعالى بتوصية: «ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون» فتجدهم يتبعون وصايا سادتهم وكبارهم ويخالفون وصية خالقهم!؟ ويظنون أنهم مصلحون.
إذا كنت تصدق بأن الخالق سبحانه الذي خاطب رسوله محمداً عليه الصلاة والسلام بقوله تعالى: «وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين» وأداة الشرط إلا حصرت الرحمة كهدف للرسالة، ثم تقبل أو تؤيد أن تُقطع الأعناق بالهوية وتُحرق الأجساد بالتبعية فأنت داعشي الفكر، كذلك إن صدقت بأن الرسول الكريم الذي يقول «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» يقبل بأن ينسب هذا التصرف له بأبي هو وأمي، فأنت قطعاً داعشي الهوى والهوية.
الفكر الداعشي يبحث عن كلمة أو جملة قالها إنسان في وقت من الزمن بعد أن اختلطت كل الألوان وأعوجَّ اللسان ليستخدمها لمعاقبة إنسان لمجرد كلمات نطق بها اللسان، وهذا قطعاً فعل مضاد لما توضحه الآيات البينات في محكم التنزيل التي تأمر بالعدل والإحسان، العفو والإيتاء والإقساط حتى لأهل الكتاب وتنهى عن البغي واستمرار العداوة، بل وزفَّت البشرى للعافين عن الناس والكاظمين الغيظ، وفي كل الأحوال لم يطلب الخالق من الإنسان دفع الناس للجنة أو إبعادهم عن النار بالقوة.
الفكر الداعشي يسيء للإسلام والمسلمين وهما براء منه، ولكن ما يخيفني أن أبناءنا نقول لهم هذا دين الله الذي جاء به رسول الرحمة وفي نفس الوقت يشاهدون أفعال داعش ويقال لهم إنها تستند إلى أقوال شرعية فيفهمون أن مصدرها نفس الدين ونفس الرسول!؟ شباب اليوم لا يقبلون هذا التضارب الفكري، وفي ظل فقدان حرية الحوار فيما هو مُختلف عليه من الفقه سوف تكون النتيجة موزعة إلى ثلاث شرائح إلا من رحم ربي، الأولى ملحدة ولكن في الخفاء، والثانية قد تجد النصرانية أقرب للتقوى أو تصبح بلا دين، والثالثة سوف تفتخر بداعشيتها ظناً منها أنها على حق لأنهم لم يجدوا من يُكذب مرجعية داعش الشرعية، يفندها وينسفها صراحةً لتستبين الرؤية وليس من وراء حجاب.
وأخيراً.. علينا الحفاظ على الرافد المتدفق بالخير الذي حفظ لهذا المجتمع العربي المسلم قاعدته العريضة الراسخة من التماسك والترابط والتراحم، كما أن الحفاظ على ذلك وتدعيمه من شأنه أن يحصر ويكشف ذلك الفكر الداعشي، بل يقتلع أية بذور له وبجرائمه الشاذة القذرة.

صحيفة الشرق

الوسوم

نوال الهلالي

مشرفة القيادة المدرسية بمكتب التعليم بالقرى الباحة مدربة محترفةمعتمدة ماجستير قيادة، كاتبة، الطموح، الأمل،التفاؤل، الإصرار،ركائز مهمة في حياتي، سعادتي في إنجازي

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. ماشااااااااء الله تبارك سلمت للوطن والوطن لايحميه إلا أبناءه البررة وأنتم من أبر أبناء الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى